" الشاعر نزار قبانى "
" عرض و دراسة و تعليق "
بقلم \ جمال الشرقاوى \
[1]
نزار قبانى شاعر سورى معاصر و هو من اشهر الشعراء المعاصرين على مستوى العالم اجمع كتب فى الغزل و العشق و السياسة و الدين و للوطن و فى كل مجالات الشعر و كان جريئا فى تناوله لموضوعاته و تحدى المجتمع القبلى العشائرى فى سوريا و تعرض لكثير من النقد الجارح فقال " كان لحمى طريا و سكاكينهم حادة " كما عبَّر عن هذا المعنى
[ قلبى كمنفضة الرماد.... انا ]
[ ان تنبشى ما فيه تحترقى ]
[ شعرى انا قلبى و يظلمنى ]
[ من لا يرى قلبى على الورق]
و رغم انه كان يخشى الا يفهمه الاخرون او يفهموه خطأ لكنه كان مؤمنا بالحرية الاجتماعية و الخيارات المتعددة فى الحياه لا الخيار الواحد الذى يعبر عن الاجبار كان مؤمنا بحق الانسان فى حياته و مواقفه و افكاره
[ ماذا بوسع الشعر ان يفعل ]
[ ان العالم العربى ]
[ يحتاج الى مليون شاعر ]
[ حتى يكتشفوا فى رمال الصحراء ]
[ ابرة الحرية ]
وقال عن تكتيف المراة العربية و استعبادها من الرجل العربى الاهوج قال
[ الرجال العرب ]
[مسؤولون عن وأد المرأة فى العصر الجاهلى ]
[ و عن اهانة عقلها و حصار جسدها ]
[ و المتاجرة [بإنوثتها و تهميش ثقافتها ]
[ فى عصر الاقمار الصناعية ]
[ اعشقى من شئتِ]
[ و تزوجى من شئتِ ]
[ و سافرى مع من شئتِ ]
كما كان شاعرنا ضد ديكتاتورية الحكام العرب و استعبادهم للشعوب العربية المرعى الخصيب للديكتاتورية و حكم الفرد
[ ايها الناس ]
[لقد اصبحت سلطانا عليكم ]
[ فاكسروا اصنامكم بعد ضلال ]
[ و اعبدونى ]
[ اننى لا اتجلى دائما ]
[ فاجلسوا فوق رصيف الصبر ]
[ حتى تبصرونى ]
[ اتركوا اطفالكم من غير خبز ]
[ و اتركوا نسائكم من غير بعل ]
[ و اتبعونى ]
[ احمدوا الله على نعمته ]
[ فلقد ارسلنى كى اكتب التاريخ ]
[و التاريخ لا يكتب دونى ]
و بالطبع فنزار قبانى له مثل اى شاعر عالمى كبير محطات و تأثرات وقف عندها شعره سنحاول الوقوف عندها بايجاز حتى يلم به القارىء العربى و الله ولى التوفيق
[ اسمه ]
نزار توفيق قبانى
[ ميلاده ]
21 مارس عام 1923 م \ 21 \ 3 \ 1923 م
[ محل الميلاد ]
حى مئذنة الشحم احد احياء دمشق القديمة
[ اسرته ]
و بالنسبة لاسرة شاعرنا الكبير الراحل نزار قبانى فهو من اسرة عريقة و لها تاريخ و ليس مجهول النسب فمن ابرز افرادها جده لابيه ابو خليل القبانى مؤسس المسرح العربى فى القرن الماضى و اما والده توفيق قبانى كان من رجال الثورة السورية و كان ميسور الحال كان يعمل فى التجارة و له محل معروف و كان نزار يساعده و هو صغيرا و للشاعر الكبير نزار قبانى خمسة من الاخوات هم رشيد و هدباء و معتز ووصال التى ماتت فى ريعان شبابها و صباح اخيه الذى كان يعمل مديرا للاذاعة السورية
[ التعليم ]
اتم نزار قبانى شهادة البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق
ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية و تخرج
عام 1945م
[عمله ]
فور تخرجه من الجامعة عمل فى السلك الدبلوماسى بوزارة الخارجية السورية و تنقل بين سفاراتها فى مدن عديدة و خاصة القاهرة وانقرة و بكين و لندن و بيروت و مدريد و بعد مشروع الوحدة العربية بين مصر و سوريا عام 1959 م عين نزار سكرتيرا ثانيا للجمهورية المتحدة فى سفارتها بالصين و ظل شاعرنا فى عمله الى ان قدم استقالته عام 1966 م و نزار قبانى اول شاعرو ربما اخر شاعر يكتب قصيدة يهتز لها برلمان دولة باكملها و هى سوريا فى منتصف الخمسينات عندما كتب قصيدته الرائعة الخارجة على تقاليد الكتابة لدرجة ان رجال الدين فى سوريا طالبوا بطرده من البلاد بسبب هذه القصيدة الثائرة و هى " خبز و حشيش و قمر " و بسبب عمله كدبلوماسى فى لندن ما بين عام 1952 م الى عام 1955 م اتقن الانجليزية جيدا و هذا الاتقان باللغة الانجليزية مكنه من الاطلاع على الاداب الاخرى غير اداب العرب و هذا اثر كثيرا فى اشعار نزار قبانى و فى قصائده و فى افكاره و هذا طبيعيا من كثرة الترحال بسبب عمله كدبلوماسى متنقل فى كل لحظة
كما ظهر ذلك جليا فى قصائده و اسمائها مثل " وجودية " و " قصة راشيل شوارزنبرغ " و " لوليتا " و " ثلاث بطاقات من اسيا " و " اوريانتيا " و " لو كنت فى مدريد " و " اوراق اسبانية " و " احزان فى الاندلس " و " مراوح الاسبانيات " و " دونيا ماريا " و " غرناطة " فكل هذا الانتاج الشعرى على سبيل المثال و ليس الحصر ظهر للوجود من خلال اندماج الثقافة العربية بالثقافة الغربية و الثقافات الشرقية اى تفاعل الحضارات فى عقل و نفس و روح نزار قبانى و هو واضح من مضمون القصائد او من خلال اسمائها الغريبة على مجتمعنا العربى [تاثير السلك الدبلوماسى على افكار نزار قبانى ]
بالطبع عمل نزار قبانى فى وزارة الخارجية بالسلك الدبلوماسى لمدة عشرين سنة اكسبه خبرات عديدة و ثقافات كثيرة و تجارب حيوية فهو قد راى العالم العربى و العالم الغربى ووقف على نقاط الضعف عندنا و نقاط القوة فى العالم الغربى مما جعله يسخر فى شعره من الاديان حتى لو لم يكن يقصد ذلك مما دفع بالجهال و من لا ثقافة لهم من الوهابيين و غيرهم من ضيقى الافق ان ينعتوا الرجل بالالحاد و الكفر و انى استغرب من جهل هؤلاء الوهابيين فبدلا من ان يروا جهلهم و ينهضوا ببلادهم المتخلفة النامية ظلوا يتحدثون فى عصر الذرة و الفضائيات و غزو الفضاء عن الناقة و البعير بفكر جامد و دماء باردة باسم السلفية و السلفية منهم براء فنزار حزن على الوطن الذى كان اسمه وطن العرب لما شاهد ما شاهد و قارن فى نفسه بين اهل الدين الاسلامى و اهل الكفر فوجد النقيض تماما نحن كعرب متخلفين ناخذ الدين ستارا لكل المحرمات و هم واضحين نحن نقدس النص حتى يموت معناه و هم يناقشون للوصول للحقائق فكل هذا حدث لنزار من كثرة السفر و الترحال و الخروج من بيئته الضيقة الى العالم الرحب الفسيح و كل هذا ظهر بشدة فى اشعاره
و قد ظهر ايضا اسلوب الشعر الراقى الدبلوماسى فى قصائد نزار قبانى من خلال عمله لان عمله فيه دعوات لكثير من الحفلات و المؤتمرات و المناسبات الاجتماعية التى رأى فيها اشكال الناس و الوانهم فظهر ذلك واضحا فى قصائده مثل " العقدة الخضراء " و " كم الدانتيل " و " رباط العنق الاخضر " و " المدخنة الجميلة " و " صديقتى و سجائرى " و غيرها من افكار مصدرها الاختلاط الاجتماعى لقد كان يكتب عن الملابس و الوانها و خيوطها و تطريزها و انواع العطور و الزخارف و الوان الشعر و طلاء الاظافر و العرى الماجن و الاصوات الغريزية للانثى و المواعيد و التليفونات و غير ذلك لا يكتبه الا رجل خبر النساء و خبر هذا المجتمع المختلط عن قرب كما فى قصيدة " فستان التفتا "
[ امس انتهى فستانى التفتا ]
[ ارايت فستانى ]
[ حققت فيه جميع ما شئتا ]
[ و شيا و نمنمة ]
[و طرائقا شتى ]
[ ارايت فستانى ]
[ ارايتنى ]
[ الحالة الاجتماعية للشاعر نزار قبانى ]
تزوج شاعرنا الكبير مرتين الاولى سورية و اسمها "زهرة " و هى ابنة عمه و انجب منها توفيق و هدباء و زهراء و قد توفى توفيق بمرض القلب و هو عمره 17 سنة و كان طالبا بكلية الطب جامعة القاهرة و اما الزوجة الثانية فهى الشهيرة بلقيس الراوى العراقية التى ماتت فى انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982 م و رثاها بقصيدة شهيرة قصيدة " بلقيس " و انجب منها عمر و زينب و رفض بعدها الزواج و عاش وحيدا فى شقته بالعاصمة الانجليزية لندن حتى مات
[ قتلوكِ يا بلقيس ]
[ اية امة عربية ]
[ تلك التى ]
[ تغتال اصوات البلابل ]
و يقول فى موضع اخر
[بلقيس ]
[ كيف تركتنا فى الريح ]
[ نرجف مثل اوراق الشجر ]
[ و تركتنا – نحن الثلاثة ضائعين ]
[ كريشة تحت المطر ]
[ اتراكِ ما فكرتِ بى ]
[ و انا الذى يحتاج حبكِ مثل زينب او عمر ]
[ نزار قبانى و الشعر ]
كتب الشعر و عمره 16 سنة و اصدر اول دواوينه " قالت لى السمراء " عام 1944 م حينما كان طالبا فى كلية الحقوق و طبعه على نفقته الخاصة و لنزار عدد كبير من دواوين الشعر تصل الى 35 ديوان كتبها فى نصف قرن منها " طفولة نهد " " الرسم بالكلمات " و " سامبا " و " انت لى " و " قصائد " و " اشعار خارجة على القانون " " و " قصائد مغضوب عليها " و غيرها و له ايضا عدد من الكتب النثرية منها " قصتى مع الشعر " و " ما هو الشعر " و " 100 رسالة حب " كما اسس دار تشر لاعماله فى بيروت تحمل اسمه " منشورات نزار قبانى "
[ نزار قبانى امير الشعر الغنائى ]
على مدى 40 عاما كان المطربون يتسابقون لغناء قصائده ذات اللون الجديد فغنت له ام كلثوم و عبد الحليم حافظ و فايزة احمد و فيروز و نجاة و اصالة و ماجدة الرومى و كاظم الساهر
[ لا تدخلى ]
[ و سددت فى وجهى الطريق بمرفقيك ]
[ و زعمت لى ]
[ ان الرفاق اتوا اليك ]
[ اهم الرفاق اتوا اليك ]
[ ام ان سيدة لديك ]
[ محطات فى حياة الشاعر نزار قبانى ]
1 - موت شقيقته " وصال " فى ريعان شبابها اثر فيه جدا
2 - وفاة والدته الذى كان يعشقها و هو طفلها المدلل
3 - وفاة ابنه " توفيق " من زوجته الاولى " زهرة " و سافر به لعلاجه فى لندن و مات هناك
4 - مقتل زوجته " بلقيس الراوى " فى حادث انفجار السفارة العراقية عام 1982 م
5 - هزيمة مصر و العرب فى عام 1967 م التى حولت مجرى شعره من الغزل الى السياسة
6 - معاركه الادبية منذ ان دخل ميدان الشعر بديوانه الاول عام 1944 م " قالت لى السمراء " مثل معركة قصيدة " خبز و حشيش و قمر "
7 - معركته مع قصيدة " هوامش على دفتر النكسة "
8 - و فى عام 1990 م صدر قرار من وزارة التعليم فى مصر بمنع قصيدة نزار قبانى " عند الجدار "
9 - معركته مع الشاعر " ادونيس " فى اوائل السبعينات
10 - معركته ضد دار نشر كبرى فى مصر تهاجمه عام 1990 م
11 - المحطة الاخيرة فى حياة نزار قبانى بعد وفاة زوجته بلقيس الراوى تنقل نزار بين باريس و لندن و جينيف و كتب قصائد مثيرة للجدل مثل " متى يعلنون وفاة العرب " و " المتنبى " " ام كلثوم على قائمة التطبيع " و " المهرولون "
[ وفاته ] توفى فى لندن عام 1998 م عن 75 عاما
[ البقية تاتى ]
كتبت هذا المقال فى القاهرة \ ابريل \ الاربعاء
27 \ 4 \ 2011 م الساعة 15و7 مساءا
جمال الشرقاوى
[ صحفى \ وكالة انباء مصر ]