أسد الشعر العربى ( جمال الشرقاوى )
أخبار مصرية
ثورة مصر فى ظل الربيع العربى
تحليل \ جمال الشرقاوى \
كتبت أخبار الشرق الأوسط تحت عنوان " بلدان الربيع العربى ستقيم أنظمة إسلامية من نوع جديد " فقالت: نشرت صحيفة موسكوفوسكيه نوفوستى مقالا جاء فيه " أن الشعارات الديمقراطية فى بلدان الربيع العربى إستبدلت برايات خضراء لقد فاز حزب النهضة التونسى فى أول انتخابات بعد إطاحة الرئيس بن على و تفيد استطلاعات الرأى أن الفائز فى الإنتخابات البرلمانية التى ستجرى فى مصر خلال شهر تشرين الأول \ نوفمبر سيكون حزب الإخوان المسلمين الذى كان محظورا إلى وقت قريب بتهمة التطرف ".... و نبدأ بالله تعالى فنقول إن هذا الخبر صحيح إلى حد ما و ليس بدرجة 100% فهناك أحزابا أخرى تحاول أن تنافس جماعة الإخوان المسلمين العريقة التى دخلت الإنتخابات من باب المدنية و الديمقراطية تحت قبة ما يُسَمَّىَ بحزب الحرية و العدالة و هذا الحزب كما قلنا فى مقالات سابقة أنه الجناح السياسى لحركة الإخوان المسلمين التى كانت محظورة من المنافسة الحقيقية أيام العميل الظالم المخلوع حسنى مبارك لأن النظام الديكتاتورى السابق فى مصر كان يرى أن جماعة الإخوان المسلمين هم الشوكة فى ظهره فكان يمالئهم تارة و يمالئونه تارة أخرى و هذا السر فى أنه كانت هناك ضفقات سريَّة تعقد بين الحزب الوطنى فى النظام المصرى الديكتاتورى السابق و بين حركة الإخوان المسلمين قبل كل انتخابات و يجرى التزوير و التلفيق بين الطرفين على عدد المقاعد فى مجلس الشعب و بمقتضى هذا الإتفاق تنجح الحكومة الظالمة العميلة السابقة و يستمر الحزب الوطنى السابق و رجاله الفاسدين فى مقاعدهم يسرقون و ينهبون و يرتشون و يخونون الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم بلا مبتدأ و لا منتهى بإهمالهم الشعب المصرى الذى هو أمانة فى أعناقهم بل و يتم كل هذا بمباركة جماعة الإخوان المسلمين مع تدخل أجهزة الإعلام الفاسد ليرى المصريون عبر القنوات العميلة و الممالئة للنظام الديكتاتورى الضعيف السابق و كأن هناك معارك انتخابية حقيقية بين جماعة الإخوان المسلمين و النظام الديكتاتورى السابق و لا ينفى هذا أيضا من وجود بعض البهارات الهندية حتى يكون الدور مرسوما جيدا فلا مانع من أن تعتقل الحكومة الديكتاتورية العميلة السابقة بعضا من أفراد جماعة الإخوان المسلمين و من القيادات ككبش الفداء و يدور أعضاء الإخوان المسلمين على الفضائيات العميلة التى كانت و مازالت تساند النظام العميل السابق و يتكلمون عن الحكومة و فسادها و فضح مخططاتها حتى يقتنع المشاهد بأنه كانت هناك انتخابات حقيقية تجرى على أرض مصر و يتسوَّل الإخوان المسلمين عطف الجماهير المصرية و هم فى الأصل العباءة المظلمة التى يتجمع فيها و تحت رايتها جماهير غفيرة تعاطفا و لا يدرى الشعب المصرى أنه ضحية إتفاقيات مسبقة بين حركة الإخوان المسلمين و النظام الديكتاتورى العميل الظالم و بتعبير آخر كان الإخوان المسلمون هم المخدر الذى يخدِّر الشعب المصرى و الإسفنجة التى تمتص غضبه حتى يهدأ على صدر جماعة الإخوان المسلمين و ينام تماما كالطفل الصغير هذه بعض حقائق عن الإخوان المسلمين من حيث تضامنها سرا مع النظام السابق... و الأن هم يحاولون السيطرة على نقابات مصر كالمحامين و الأطباء و النقابات العمالية إلى جانب كونهم جماعة أو حركة متأسلمة تتدثر برداء الدين فتحاول حشد جماعات من الجماهير المصرية تعاطفا معها من الناحية الدينية و يستخدمون اللعب على أوتار الشريعة الإسلامية و كل إسلوبهم يدل على الإستماتة فى سبيل الوصول لكرسى الحكم فقط أمَّا من الناحية السياسية فهم يدعون أنهم يريدون الحكم المدنى و يقولون نحن حزب الحرية و العدالة حزب مدنى ذو مرجعية دينية نمارس نشاطنا فى نطاق الشرعية الدستورية و نريد تحقيق أهداف ثورة 25 يناير و تقريبا هذه الأساليب لا تختلف كثيرا عن إسلوب حزب النهضة التونسى الذى يتدثر هو الآخر بالرداء الإسلامى و ربما يحدث نفس الوضع فى ليبيا و غيرها من الدول العربية التى حكمها ديكتاتوريين ازمنة طويلة مثل مبارك 30 سنة و القذافى42 سنة !!! و كانت الدول فى أيام حكم الدكتاتوريين العرب دولا ضعيفة ساقطة فى مستنقع الفقر و الجهل و المرض و الظلم و عدم تكافؤ الفرص و مركزية الحكم و الخصخصة حتى غدا الفساد سمة عامة مشتركة فى أثناء الحكم الديكتاتورى العربى بالإضافة إلى جانب أن الدول العربية فى أثناء الحكم الديكتاتورى لا علمانية محضة و لا إسلامية محضة بل كانت مسخا طفح على ضعف الفكر و الإنتاج فى خلال فترات حكم الديكتاتوريين العرب فكل هذه عوامل ساعدت على تفشى ظاهرة الراديكالية أى التطرف الفكرى و الدينى فى ظل ضعف الدول و انهيارها و فساد حكامها و لصوصيتهم و من هنا ظهر الذين يدَّعون أنهم سلفيون و ظهر تيار الإسلام السياسى و هم الذين يحاولون بقوة للقفز على السلطة و الحكم فى الدول العربية و هى نتيجة طبيعية لخلافة أو لوراثة الحكم الضعيف الديكتاتورى الذى أذل الشعوب العربية و أهان كرامتها فى الداخل و الخارج و فعلا الذى ضخم هؤلاء هم الحاكم الديكتاتوريين أنفسهم من حيث أنهم أرادوا أن يستفيدوا من الإسلاميين من ناحية و بواسطة الإعلام الفاسد أرادوا أن يشوهوا صورتهم و يبعدونهم عن التعاطف الشعبى معهم من طريق آخر و كان الفاسد الظالم العميل حسنى مبارك و غيره من الديكتاتوريين العرب يخوفون الغرب بهم للحصول على الدعم المادى و المنح و لذلك كان الحكام الديكتاتوريين العرب يكسبون أموالا على حساب الإسلاميين من الغرب و بهم يهددون الغرب و الغاية من وراء ذلك أن يظلوا فى السلطة اطول فترة ممكنة و ربما و هذا بالقطع ما كان سوف يحدث فى الطريق لولا قيام الثورات العربية ضدهم و هو ضمان وصول أبنائهم للسلطة من بعدهم و بموافقة الدول الغربية أيضا و هذا ما جعل العميل الظالم الديكتاتور حسنى مبارك لا يتخلص منهم بالكليَّة و لا يتركهم يعملون بحريَّة تامة و بالنسبة لوضع المرأة فى ظل نظام حكم الجماعات الإسلامية فالكل منهم فى كل الدول التى سوف يحكمها الإسلاميون أتوقع أن لا يفرضوا النقاب على النساء و لا الحجاب حتى يضمنوا تعاطف الجماهير معهم و لكن أتوقع أن يثرثروا كثيرا حول الحكم الإسلامى بدون مراعاة لتطور العصر و لا ظروف الناس من خلال الضغط الإعلامى و لو حتى أخذ ت الجماهير بالمظهر الإسلامى دون الجوهر بالإضافة إلى ترك المرأة تعمل و تمارس أنشطة خاصة بها و إن كنت أرى أن دورها سيتحجَّم و لن يكون قياديا كما كان فى النظام الرئاسى الديكتاتورى السابق لمصر أمَّا بالنسبة لشكل الحكم فقد يكون أقرب إلى الحكم السعودى و هذه حقيقة تؤكدها السيطرة السعودية و الدين الوهابى الوارد المُهرَّب إلى بلادنا سواء فى مصر او تونس أو ليبيا لإن بالقطع لن تكون هذه الدول العربية مثل تركيا من حيث الديمقراطية و الحرية الحقيقية للشعوب و احترام سيادة القانون و ربما تحدث ميوعة فى إسلوب الحكم الإسلامى فلا يكون إسلامى بحت لأن هذا صعب الحدوث مع شعوب تنزع للحرية بعد القهر و تحتاج لكل شيء تقريبا لأنها كانت محرومة من كل شيء تقريبا و أيضا فالبلاد العربية الثائرة التى أطاحت بحكم الديكتاتوريين لن تكون إيران أخرى بمرجعيتها الدينية الشيعية التى تعلو سلطتها على سلطة الرئيس حتى يصبح دُمْيَة فى أيدى المرجعية الدينية لإن غالبية الشعوب العربية سُنيَّة الأصل و هذا النظام الإيرانى الشيعى مستبعد تماما و غير وارد و ربما يكون مستحيلا و من حيث التعاون مع الغرب فى ظل وصول الإسلاميين للحكم فى البلاد العربية الثائرة فهم ليس لديهم مانع من التعامل الإقتصادى مع الغرب و خاصة فى مجال السياحة لإن السياحة تعمل على دعم الدخل القومى للبلاد و لكن مسألة تصدير الغاز و البترول و القطن لا نستطيع أن نتكهن بتصديرهم لإن البلاد العربية ربما ستحاول الإحتفاظ بمخزون البترول و الغاز للإنتفاع بهم و تصدير كميات قليلة لتحسين مستوى الدخل القومى و رفاهية المواطن العربى و ربما يحاولون خلق اقتصاد وطنى يعتمد على المنافسة و التصدير للغربيين و ليس الإستيراد فقط كما كان يحدث أيام العميل الظالم الديكتاتور حسنى مبارك لكن المهم ألا يتصادموا مع المصالح الغربية التى لا تريد منافسة من البلدان العربية و قطعا سيحدث التصادم و لو بعد حين و الذى سيشعل النار فى الحطب هو محاولة الإسلاميين إذا ما وصلوا للحكم فى البلدان العربية أن يصححوا مسارات و معاهدات أبرمت بين الديكتاتوريين العرب السابقين و الحكام الغربيين و من خلال هذه المعاهدات إستفاد الغربيين أكثر من العرب فلو حاول الإسلاميين أخذ مكاسب من وراء هذه المعاهدات الدولية لتى تحقق مصالح الغرب فى البلاد العربية ستكون المصادمة محتومة بين العرب و الغرب لا محالة لإن الإسلاميين يبحثون عن تقدم البلاد و استقرارها و فك رقابها من الأسر الغربى الصهيونى اليهودى الصليبى و مقاومة المد الغربى فى البلاد العربية و هذا ما سيرفضه الغربيون لأنهم يريدون البلاد العربية أن تكون سوقا لمنتجاتهم و بضائعهم فحسب و لو على حساب شعوب فقيرة بكاملها ترزح تحت خط الفقر بسبب الجشع الغربى و طمعه فى ثروات البلاد العربية و استعمارها اقتصاديا بدون أن تستفيد هذه البلاد العربية من وراء الغربيين شيئا
كتبت هذا التحليل فى القاهرة \ نوفمبر \ الثلاثاء 8 \ 11 \ 2011م الساعة 22و7 صباحا \ جمال الشرقاوى \ صحفى \ وكالة أنباء مصر \