فيرس الإدمان يجتاح مصر الأن
حوار مع مدمن
كتبه \ جمال الشرقاوى \
فيرس الإدمان يجتاح مصر الأن و لعل هناك اسباب كثيرة تدعوا لهذا الإدمان و كما أن عملية إدمان المخدرات لها تصوُّر معين عند فئات المجتمع بل و يكوِّن المجتمع عنها وجهة نظر خاصة مثل الإنحراف و التفكك الأسرى أيضا عملية إدمان المخدرات لها وجهة نظر خاصة عند هؤلاء المدمنين و اعتقاد يدمنون من أجله...و ها نحن نعرض لوجهة نظرهم من خلال " حوار مع مدمن " من خلال لقاء مع المدمن " هانى " المتعلم المثقف !!! ...
.... متى بدأت فى الإدمان ؟
...... بعد الدبلوم المعمارى دخلت الجيش و أديت الخدمة العسكرية و كان عمرى وقتها إثنين و عشرين عاما فقد بدأت أحس بفراغ و بطالة و ابتدأت فى التردد على المقاهى كثرا لتضييع الوقت .
....من وجهة نظرك هل للمقاهى دورا كبيرا فى انتشار الإدمان و المخدرات و المساعدة عليهما ؟
...... نعم للمقاهى و النوادى و الكافيهات و صالات البلياردو دورا كبيرا و بارزا فى انتشار الإدمان و المخدرات .
.... لماذا وجدت الإدمان و المخدرات فى المقاهى تحديدا ؟
...... فمع ترددى على المقاهى تعرفت على أصدقاء جُدُد لم أكن أعرفهم من قبل فمنهم من كان يتعاطى المخدرات مثل الحشيش و البانجو و منهم من كان يتعاطى البرشام " الأقراص المخدرة " و كنا نقضى معا وقتا سعيدا و ممتعا نضحك و نلهو و كان المخدر هو صاحب الدور الأكبر لتجمُعنا فى هذه الجلسات و كان هذا الجو كله فى البداية شيئا جديدا لى و علىِّ .
.... ما التطور الذى حدث فى حياتك من صداقتك لهؤلاء المنحرفين ؟
...... بدأنا أنا و أصدقائى نحس بضيق شديد فى المقهى و بدأنا نبحث عن أماكن جديدة نتعاطى فيها الكيف فكانت المراعى الخصبة لنا هى الأفراح و المقابر حيث إن الفرح يوزَّع فيه الكيف و المزاج عيانا بيانا و الكل فيه سواء و أمَّا المقابر فكانت مهجورة و هو المكان المناسب بعيدا عن الصخب و عيون الناس .
.... هل كانت هناك تطورات فى أنواع المخدرات نفسها بعد احترافكم الإدمان و المخدرات بفترة ؟
...... نعم كانت هناك تطورات فى المزاج و الكيف نفسه بدأنا بالمخدرات مثل الحشيش و البانجو و تطور الأمر إلى الأقراص المخدرة " البرشام " مثل آياتريل – و أبو صليبة _ و أخذنا نتطور إلى أن وصلنا لأشخاص يتعاطون مكيفات ذات جودة عالية عن الحشيش و البانجو و الأقراص المخدرة مثل البودرة و الكوكا و الأفيون .
.... ما هو السعر و من المموّل للكيف و المزاج لديكم و أنتم عاطلون عن العمل ؟
...... كنا ثلاثة أصدقاء متعلمون و مثقفون و أحدنا كان فى جامعة الأزهر للأسف مررنا بهذه التجربة معا كنا بداية نأخذ نقود من بعضنا البعض فيكتمل معنا ثمن المخدر العادى مثل الحشيش و البانجو و الأقراص المخدرة و هذه الأنواع ذات سعر عادى أو منخفض و لكن بالنسبة للمخدرات ذات المزاج العالى و الجودة العالية البودرة التى يطلقون عليها إسم " بيسا " و الكوكا و الأفيون و هذه الأنواع غالية الثمن بدأنا نأخذ النقود من أولياء أمورنا بحجج نخترعها لهم إلى أن بدأ أمرنا ينكشف أمامهم فبدأنا نجلس معا و نفكر من أين نأتى بالمال بأى وسيلة و غاية فعلى سبيل المثال أخذنا أشياء من وراء أهلنا أو اضطررنا لبيع أشياء خاصة بنا مثل الساعات التى نستعملها و الموبايلات حتى نحصل على ثمن المخدر ذات المزاج العالى حتى تعرفنا فى يوم من الأيام على على صديق رابع و كان هو بطبيعته لص محترف بداية من قبل أن يتعرف علينا و هو من عيلة " الهنجرانية " فى حى التونسى فى منطقة الخليفة بالقاهرة عيلة معروفة بالسرقة بالإكراه و النشل و البلطجة و مشكلة هذا الشخص " الصديق " الرابع " اللص " أنه يسرق من أجل التعاطى و كانت تتكلف عملية التعاطى الواحدة من سبع أو ثمانى سنين مائة جنيه و كانت مشكلتنا نحن الثلاثة فى ذلك الوقت هى التمويل للحصول على الكيف فتجرأنا على يديه و من هنا بدأنا السطو المسلح على المحلات و الأكشاك و السيارات و المنازل فزاد معنا المال و كنا نشترى المزاج و الكيف كيفما نشاء ووقتما نشاء و ظللنا بهذا الوضع مدة ستة شهور و بعد ذلك ألقت الشرطة القبض على ذلك اللص المحترف فبدأنا نحن الثلاثة نسطو وحدنا إلى أن ألقت الشرطة القبض علينا و حُكم على كل منا بخمسة شهور سجن .
.... هل وجدتم التغيير فى السجن إلى الأحسن أم لا ؟
...... وجدنا المعاملة السيئة فى السجون و الحياه الغير آدمية و مافيا المخدرات المنتشرة داخل السجون و دخول المخدرات لهم لهم أساليب كثيرة و متنوعة .
.... من أين تحصلوا على المخدرات و ما أسعارها ؟
...... من الصيدليات المشبوهة و حى الباطنية المشهور و أيضا فى المقابر تجار صغار يروجون لهذا المخدر و فى الحوارى الهادئة فى المناطق الشعبية حيث يأخذ أحدنا من التاجر باكيتة بانجو تحتوى على عشرة جرام بعشرة جنيهات و صباع الحشيش خمسين جرام بخمسين جنيها و تذكرة الكوكايين أو تذكرة الأفيون الجرام الواحد بمائة جنيه أمَّا ورقة البودرة بثلاث مائة جنيه و أمَّا شريط الأقراص المخدرة الأباتريل بثلاثين جنيها .
....ما الأسباب التى دفعتكم لهذا الطريق ؟
...... إنشقاق الأسرة و غياب دور أولياء الأمور و عدم الرقابة و قتل الطموح فينا من قبل الدولة و البطالة و كثرة إصدار قوانين عبارة عن قيود و ليس حلول لمشاكل مجتمعنا و عدم وجود المال اللازم للإنطلاقة الصحيحة .
.... و ما هى نهاية هذا المشوار ؟
...... الندم و الإبتعاد عن الصحبة السيئة بعد الخروج من السجن و حدوث رقابة شديد من الأهل فى المنزل و الشارع و التقرب إلى الله تعالى إلى أن احترفت عملا لم يكن يقدم لى كل ما أريده و لكنه كان يملأ فراغى و مررت بعد ذلك بتجربة الزواج بعد أن ضاع من عمرى سنتين فى طريق الإدمان .
و فى النهاية لا يسعنا إلا القول إن السبب ليس غياب الوعى الفردى للفرد أو غياب الوعى العام فى المجتمع فقط و لكن لإن المدمن هو عبارة عن منظومة من منظومات المجتمع المتعددة فإذا اختلت المنظومة الواحدة للفرد فنتيجة اختلال منظومات المجتمع المتعددة و لابد من الإصلاح الجذرى للفرد و المجتمع و ليس ذلك بإصدارقوانين تدين الفرد فقط و هو محتاج لكل شيء بل نريد قوانين تعين الفرد على إشباع حاجاته الضرورية و الأساسية
أجريت هذا الحوار فى القاهرة
عام 2009 م \ جمال الشرقاوى \